في أرجاء المملكة العربية السعودية تقع مواقع أثرية يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد، تدلل على مواقع الاستيطان البشري والحضارات القديمة التي ازدهرت على أرض شبه الجزيرة العربية، وتحكي شطرًا من علاقتها بالحضارات المجاورة. نقوش وآثار من قطع فريدة اكتشفت على مدى سنوات تحكي أسرارًا قديمة لحضارات غابرة، وتجسد كنوزًا يقع بعضها وسط الطبيعة، وبعضها الآخر قطع صغيرة جرى نقلها إلى متاحف المملكة لعرضها لمحبي التاريخ والآثار، واستكشاف أسرار الممالك القديمة.
الأخدود
تاريخ نجران
على مساحة تبلغ نحو خمسة كيلومترات مربعة تقع قرية الأخدود التي تجتمع فيها مجموعة من الرسوم والنقوش التاريخية في نجران جنوب المملكة العربية السعودية. تشمل هذه النقوش الجمال، والأفاعي المنحوتة على الصخور، والأيادي البشرية، لتحكي قصة قرية الأخدود الواقعة على مقربة من قصر الإمارة التاريخي في منطقة نجران.
هذه القرية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، والتي شهدت التنكيل بأهل القرية لأسباب عقائدية. يجسد موقع الأخدود الأثري نموذجًا مهمًا لحضارة نجران، والتي تحكي عن استيطان هذه المنطقة قبل الميلاد بما تضمه من آثار تدلل على عمق التاريخ في هذه المنطقة.
جبل عكمة
مكتبة وسط الطبيعة
ينتشر في عدد من المواقع في العلا شمال غرب المملكة العربية السعودية كثير من النقوش التي ترجع إلى ما قبل حقبة اللغة العربية، والتي تجعل من المنطقة موقعًا مثاليًا للدراسة والبحث في الحضارات القديمة. من أهم هذه المواقع جبل عكمة الذي كان موقعًا مهمًا على طرق التجارة القديمة، ويدلل على ذلك أكثر من 500 كتابة منحوتة على المنحدرات والواجهات الصخرية التي ترجع إلى الفترتين الدادانية واللحيانية.
على مسار يقع في واد من الصخور يستكشف الزوار الرسائل المنقوشة على الحجارة، والتي تتحدث عن القرابين والقوانين القديمة التي تدلل على مدى أهمية جبل عكمة ومكانته في العصور القديمة.
نقش تيماء الهيروغليفي
الفراعنة في الجزيرة العربية
في عام 2010 جرى اكتشاف نقش تيماء الهيروغليفي، والذي يمثل أحد أهم المعالم الواقعة في تيماء، الأمر الذي كشف عن وجود طريق تجاري يربط وادي النيل بتيماء، كان مستخدمًا في عهد رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
كانت القوافل المصرية القديمة تتوجه إلى تيماء للتزود بالذهب، والفضة، والنحاس، والبخور، وغيرها من البضائع المهمة، ومثلها بلاد الشام. ولطالما كانت تيماء تمثل أهمية كبرى في مملكة مديّن كموقع تجاري مهم تقصده القوافل للتجارة، الأمر الذي جعلها وجهة للحضارات المجاورة التي خلّفت بعضها شواهد على العلاقة مع شبه الجزيرة العربية، ومنها النقش الهيروغليفي الذي يعد أول نقش من نوعه يعثر عليه بتوقيع ملكي.
مديّن
واجهات صخرية
تقع مغاير شعيب في منطقة تبوك بمحافظة البدع، وقد كانت مستوطنة للأنباط وواحة زراعية، يرجع تاريخها إلى قبل الميلاد. تشتهر بمديّن وتتكون من بيوت جبلية منحوتة في الصخر تشبه مدائن صالح.
تتكون البدع من سلاسل جبلية. وفي هذه الجبال ما يقرب من اثني عشر تجويفًا منحوتًا في الصخر على شكل قباب واسعة من الداخل، نقش على بعضها زخارف، كانت تستخدم بعضها قبورًا وبعضها الآخر منازل. يضم كل ضريح منها ما يصل إلى 13 قبرًا مستطيلاً.
زار مديّن كثير من الرحالة والمستشرقين منهم: الفلندي جورج أوغست فالين، وإدوارد روبل وكتب عنها في عام 1829، والبريطاني ريتشارد فرانسيس بيرتون عام 1853. ودواتي، والليدي آن بلنت، وغيرهم.
تنتشر الأضرحة والآثار في المنطقة المحيطة ومنها بئر السعيدني المحفورة بالصخر، وتقع بالقرب منها برك، وقنوات، ومواقع استيطان.
مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه
تاريخي إسلامي
يعد المسجد أحد أقدم المساجد الأثرية في شمال الجزيرة العربية، ويعد من الآثار المهمة في منطقة الجوف. ويرجع تاريخ المسجد إلى الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ويقال أنه بناه في أثناء توجهه إلى بيت المقدس.
يقع المسجد في دومة الجندل بالمدينة القديمة، على مقربة من قلعة مارد قرب حي الدرع. ويمتد المسجد بطول 32.5 متر × 18 مترًا، ويشتهر بمئذنته التي يبلغ ارتفاعها نحو 12 مترًا، ورواق القبلة والمحراب وصحن المسجد والمصلى. تقع المئذنة في الطرف الجنوبي الغربي، وقد بُنيت من الحجارة على قاعدة طول ضلعها نحو ثلاثة أمتار. وقد شهد المسجد عمليات ترميم لبناء الجدران المهدمة والسقف.
ثاج
القناع الذهبي
تمثل مدينة ثاج مدينة أثرية تقع شرق المملكة العربية السعودية، ترجع الدراسات ازدهارها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد.
تقع المدينة في واد ضحل على طريق القوافل التجارية القديم، الأمر الذي ساهم في اكتسابها أهمية بارزة في توفير الخدمات اللازمة للتجارة. وتمتد المدينة داخل سور يبلغ طوله نحو 2.5 كيلو متر. وقد كشفت الحفريات عن أقدم فرن فخار بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى رفات طفلة بكامل الشواهد الجنائزية ترجع إلى القرن الأول الميلادي، يعتقد أنها تعود لعائلة ملكية في حضارة ثاج، ومن ذلك قناع ذهبي، وبعض الحلي الأخرى. وقد اكتشف القناع عام 1998 ويرجع إلى الحقبة الهلنستية التي كانت فيها شبه الجزيرة العربية متصلة بالعالم المتوسطي عبر كبرى الطرق التجارية.
جبة
تاريخ عظيم
تعد منطقة جبة من أهم المواقع الأثرية السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي باليونسكو منذ عام 2015. تقع المنطقة في محافظة جبة بمنطقة حائل وسط صحراء النفود الكبير على طريق القوافل القديم الذي يربط بين نجد والبحر المتوسط.
تقع في جبة نقوش ورسومات منتشرة في جبل أم سنمان والجبال المحيطة. وترجع هذه النقوش إلى أزمنة مختلفة. يقع جبل أم سنمان على بُعْد نحو مئة كيلو متر غرب حائل، وله أهمية تاريخية بسبب ما يضمه من نقوش، وكتابات، وتشكيلات قديمة يرجح أن بعضها يرجع إلى العصر الحجري، ومنها نقوش ثمودية. ومن أشهر النقوش مجسم الأسد، ووجوه رجال يرتدون عمائم أو تيجانًا، وكثير من الرسومات الحيوانية. ويبلغ عدد نقوش الجبل أكثر من خمسة آلاف نقش ثمودي، ونحو ألفي رسم لحيوانات مختلفة، ونحو 262 رسمًا آدميًا.